فصل: تفسير الآيات (241- 251):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مدارك التنزيل وحقائق التأويل بـ «تفسير النسفي» (نسخة منقحة).



.تفسير الآيات (241- 251):

{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (243) وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248) فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)}
{وللمطلقات متاع} أي نفقة العدة {بالمعروف حَقّا} نصب على المصدر {عَلَى المتقين كَذَلِكَ يُبَيّنُ الله لَكُمْ آياته لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} هو في موضع الرفع لأنه خبر (لعل)، وإن أريد به المتعة فالمراد غير المطلقة المذكورة وهي على سبيل الندب.
{أَلَمْ تَرَ} تقرير لمن سمع بقصتهم من أهل الكتاب وأخبار الأولين وتعجيب من شأنهم، ويجوز أن يخاطب به من لم ير ولم يسمع لأن هذا الكلام جرى مجرى المثل في معنى التعجيب {إِلَى الذين خَرَجُواْ مِن ديارهم} من قرية قيل: واسط وقع فيهم الطاعون فخرجوا هاربين فأماتهم الله ثم أحياهم بدعاء حزقيل عليه السلام. وقيل: هم قوم من بني إسرائيل دعاهم ملكهم إلى الجهاد فهربوا حذراً من الموت فأماتهم الله ثمانية أيام ثم أحياهم {وَهُمْ أُلُوفٌ} في موضع النصب على الحال، وفيه دليل على الألوف الكثيرة لأنها جمع كثرة وهي جمع ألف لا آلف {حَذَرَ الموت} مفعول له {فَقَالَ لَهُمُ الله مُوتُواْ} أي فأماتهم الله، وإنما جيء به على هذه العبارة للدلالة على أنهم ماتوا ميتة رجل واحد بأمر الله ومشيئته وتلك ميتة خارجة عن العادة، وفيه تشجيع للمسلمين على الجهاد، وأن الموت إذا لم يكن منه بد ولم ينفع منه مفر فأولى أن يكون في سبيل الله {ثُمَّ أحياهم} ليعتبروا ويعلموا أنه لا مفر من حكم الله وفضائه، وهو معطوف على فعل محذوف تقديره فماتوا ثم أحياهم، ولما كان معنى قوله {فقال لهم الله موتوا} فأماتهم كان عطفاً عليه معنى {إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس} حيث يبصرهم ما يعتبرون به كما بصر أولئك وكما بصركم باقتصاص خبرهم، أو لذو فضل على الناس حيث أحيا أولئك ليعتبروا فيفوزوا ولو شاء لتركهم موتى إلى يوم النشور {ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَشْكُرُونَ} ذلك. والدليل على أنه ساق هذه القصة بعثاً على الجهاد ما أتبعه من الأمر بالقتال في سبيل الله وهو قوله.
{وقاتلوا فِي سَبِيلِ الله} فحرض على الجهاد بعد الإعلام لأن الفرار من الموت لا يغني، وهذا الخطاب لأمة محمد عليه السلام أو لمن أحياهم {واعلموا أَنَّ الله سَمِيعٌ} يسمع ما يقوله المتخلفون والسابقون {عَلِيمٌ} بما يضمرونه {مِنْ} استفهام في موضع رفع بالابتداء {ذَا} خبره {الذى} نعت ل {ذا} أو بدل منه {يُقْرِضُ الله} صلة الذي سمى ما ينفق في سبيل الله قرضاً لأن القرض ما يقبض ببدل مثله من بعد، سمى به لأن المقرض يقطعه من ماله فيدفعه إليه. والقرض القطع ومنه المقراض، وقرض الفأر والانقراض فنبههم بذلك على أنه لا يضيع عنده وأنه يجزيهم عليه لا محالة {قَرْضًا حَسَنًا} بطيبة النفس من المال الطيب، والمراد النفقة في الجهاد لأنه لما أمر بالقتال في سبيل الله ويحتاج فيه إلى المال حيث على الصدقة ليتهيأ أسباب الجهاد {فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} بالنصب: عاصم على جواب الاستفهام.
وبالرفع: أبو عمر ونافع وحمزة وعلي عطفاً على {يقرض}، أو هو مستأنف أي فهو يضاعفه. {فيضعفه}: شامي. {فيضعفه}: مكي. {أَضْعَافًا} في موضع المصدر {كَثِيرَةٍ} لا يعلم كنهها إلا الله. وقيل: الواحد بسبعمائة. {والله يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ} يقتر الرزق على عباده ويوسعه عليهم فلا تبخلوا عليه بما وسع عليكم لا يبدلكم الضيق بالسعة. و{يبصط} حجازي وعاصم وعلي {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فيجازيكم على ما قدمتم.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الملإ} الأشراف لأنهم يملأون القلوب جلالة والعيون مهابة {مِن بَنِى إسراءيل} {من} للتبعيض {مِن بَعْدِ موسى} من بعد موته و{من} لابتداء الغاية {إِذْ قَالُواْ} حين قالوا {لِنَبِىّ لَّهُمُ} هم شمعون أو يوشع أو اشمويل {ابعث لَنَا مَلِكًا} أنهض للقتال معنا أميراً نصدر في تدبير الحرب عن رأيه وننتهي إلى أمره {نقاتل} بالنون والجزم على الجواب {فِى سَبِيلِ الله} صلة نقاتل {قَالَ} النبي {هَلْ عَسَيْتُمْ} {عسيتم} حيث كان: نافع. {إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال} شرط فاصل بين اسم (عسى) وخبره وهو {أَلاَّ تقاتلوا} والمعنى: هل قاربتم أن لا تقاتلوا يعني هل الأمر كما أتوقعه أنكم لا تقاتلون وتجبنون، فأدخل {هل} مستفهماً عما هو متوقع عنده، وأراد بالاستفهام التقرير وتثبيت أن المتوقع كائن وأنه صائب في توقعه {قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نقاتل في سَبِيلِ الله} وأي داعٍ لنا إلى ترك القتال وأي غرض لنا فيه {وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن ديارنا وَأَبْنَائِنَا} الواو في {وقد} للحال وذلك أن قوم جالوت كانوا يسكنون بين مصر وفلسطين فأسروا من أبناء ملوكهم أربعمائة وأربعين يعنون إذا بلغ الأمر منا هذا المبلغ فلابد من الجهاد {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتال} أي أجيبوا إلى ملتمسهم {تَوَلَّوْاْ} أعرضوا عنه {إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمُ} وهم كانوا ثلثمائة وثلاثة عشر على عدد أهل بدر {والله عَلِيمٌ بالظالمين} وعيد لهم على ظلمهم بترك الجهاد. {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ الله قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ} هو اسم أعجمي كجالوت وداود، ومنع من الصرف للتعريف والعجمة {مَلِكًا} حال {قَالُواْ أنى يَكُونُ لَهُ الملك عَلَيْنَا} أي كيف ومن أين وهو إنكار لتملكه عليهم واستبعاد له {وَنَحْنُ أَحَقُّ بالملك مِنْهُ} الواو للحال {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مّنَ المال} أي كيف يتملك علينا والحال أنه لا يستحق التملك لوجود من هو أحق بالملك وأنه فقير لابد للملك من مال يعتضد به، وإنما قالوا ذلك لأن النبوة كانت في سبط لاوي بن يعقوب عليه السلام، والملك في سبط يهوذا وهو كان من سبط بنيامين، وكان رجلاً سقاء أو دباغاً فقيراً.
وروي أن نبيهم دعا الله حين طلبوا منه ملكاً فأتى بعصا يقاس بها من يملك عليهم فلم يساوها إلا طالوت {قَالَ إِنَّ الله اصطفاه عَلَيْكُمْ} الطاء في {اصطفاه} بدل من التاء لمكان الصاد الساكنة أي اختاره عليكم وهو أعلم بالمصالح منكم ولا اعتراض على حكمه. ثم ذكر مصلحتين أنفع مما ذكروا من النسب والمال وهما العلم المبسوط والجسامة فقال: {وَزَادَهُ بَسْطَةً} مفعول ثانٍ {فِي العلم والجسم} قالوا: كان أعلم بني إسرائيل بالحرب والديانات في وقته، وأطول من كل إنسان برأسه ومنكبه. والبسطة السعة والامتداد، والملك لابد أن يكون من أهل العلم فإن الجاهل ذليل مزدري غير منتفع به، وأن يكون جسيماً لأنه أعظم في النفوس وأهيب في القلوب. {والله يُؤْتِى مُلْكَهُ مَن يَشَاء} أي الملك له غير منازع فيه وهو يؤتيه من يشاء إيتاءه وليس ذلك بالوراثة {والله واسع} أي واسع الفضل والعطاء على من ليس له سعة من المال ويغنيه بعد الفقر {عَلِيمٌ} بمن يصطفيه للملك فثمة طلبوا من نبيهم آية على اصطفاء الله طالوت.
{وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ ءايَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التابوت} أي صندوق التوراة، وكان موسى عليه السلام إذا قاتل قدمه فكانت تسكن نفوس بني إسرائيل ولا يفرون. {فِيهِ سَكِينَةٌ مّن رَّبّكُمْ} سكون وطمأنينة {وَبَقِيَّةٌ} هي رضاض الألواح وعصا موسى وثيابه وشيء من التوراة ونعلا موسى وعمامة هارون عليهما السلام {مّمَّا تَرَكَ ءالُ موسى وَءالُ هارون} أي مما تركه موسى وهارون والآل مقحم لتفخيم شأنهما {تَحْمِلُهُ الملائكة} يعني التابوت وكان رفعه الله بعد موسى فنزلت به الملائكة تحمله وهم ينظرون إليه، والجملة في موضع الحال وكذا {فيه سكينة}. {ومن ربكم} نعت ل {سكينة} و{مما ترك} نعت ل {بقية} {إِنَّ فِي ذلك لأَيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} إن في رجوع التابوت إليكم علامة أن الله قد ملك طالوت عليكم إن كنتم مصدقين.
{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ} خرج {بالجنود} عن بلده إلى جهاد العدو و{بالجنود} في موضع الحال أي مختلطاً بالجنود وهم ثمانون ألفاً، وكان الوقت قيظاً وسألوا أن يجري الله لهم نهراً {قَالَ إِنَّ الله مُبْتَلِيكُم} مختبركم أي يعاملكم معاملة المختبر {بِنَهَرٍ} وهو نهر فلسطين ليتميز المحقق في الجهاد من المعذر {فَمَن شَرِبَ مِنْهُ} كرعاً {فَلَيْسَ مِنّي} فليس من أتباعي وأشياعي {وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ} ومن لم يذقه من طعم الشيء إذا ذاقه {فَإِنَّهُ مِنّى} وبفتح الياء: مدني وأبو عمرو.
واستثنى {إِلا مَنِ اغترف} من قوله {فمن شرب منه فليس مني} والجملة الثانية في حكم المتأخرة عن الاستثناء إلا أنها قدمت للعناية {غُرْفَةً بِيَدِهِ} {غرفة}: حجازي وأبو عمرو بمعنى المصدر، وبالضم بمعنى المغروف ومعناه الرخصة في اغتراف الغرفة باليد دون الكرع، والدليل عليه {فَشَرِبُواْ مِنْهُ} أي فكرعوا {إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمُ} وهم ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً {فَلَمَّا جَاوَزَهُ} أي النهر {هُوَ} طالوت {والذين ءامَنُواْ مَعَهُ} أي القليل {قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا اليوم} أي لا قوة لنا {بِجَالُوتَ} هو جبار من العمالقة من أولاد عمليق بن عاد وكان في بيضته ثلثمائة رطل من الحديد {وَجُنودِهِ قَالَ الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلاَقُواْ الله} يوقنون بالشهادة. قيل: الضمير في {قالوا} للكثير الذين انخذلوا والذين يظنون هم القليل الذين ثبتوا معه. وروي أن الغرفة كانت تكفي الرجل لشربه وإداوته والذين شربوا منه اسودت شفاههم وغلبهم العطش {كَم مّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ} {كم} خبرية وموضعها رفع بالابتداء {غَلبَت} خبرها {فِئَةٍ كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله} بنصره {والله مَعَ الصابرين} بالنصر.
{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} خرجوا لقتالهم {قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ} أصبب {عَلَيْنَا صَبْرًا} على القتال {وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا} بتقوية قلوبنا وإلقاء الرعب في صدور عدونا {وانصرنا عَلَى القوم الكافرين} أعنا عليهم {فَهَزَمُوهُم} أي طالوت والمؤمنون جالوت وجنوده {بِإِذُنِ الله} بقضائه {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} كان بيشا أو داود في عسكر طالوت مع ستة من بنيه وكان داود سابعهم وهو صغير يرعى الغنم، فأوحى الله إلى نبيهم أن داود هو الذي يقتل جالوت فطلبه من أبيه فجاء وقد مر في طريقه بثلاثة أحجار دعاه كل واحد منها أن يحمله وقالت له: إنك تقتل بنا جالوت فحملها في مخلاته ورمى بها جالوت فقتله وزوجه طالوت بنته، ثم حسده وأراد قتله ثم مات تائباً {وآتاه الله الملك} في مشارق الأرض المقدسة ومغاربها، وما اجتمعت بنو إسرائيل على ملك قط قبل داود {والحكمة} والنبوة {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء} من صنعة الدروع وكلام الطيور والدواب وغير ذلك. {وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس} هو مفعول به {بَعْضُهُمْ} بدل من {الناس} {دفاع}: مدني مصدر دفع أو دافع {بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض} أي ولولا أن الله تعالى يدفع بعض الناس ببعض ويكف بهم فسادهم لغلب المفسدون وفسدت الأرض وبطلت منافعها من الحرث والنسل، أو ولولا أن الله تعالى ينصر المسلمين على الكافرين لفسدت الأرض بغلبة الكفار وقتل الأبرار وتخريب البلاد وتعذيب العباد {ولكن الله ذُو فَضْلٍ عَلَى العالمين} بإزالة الفساد عنهم وهو دليل على المعتزلة في مسألة الأصلح {تِلْكَ} مبتدأ خبره {آيَاتُ الله} يعني القصص التي اقتصها من حديث الألوف وإماتتهم وإحيائهم وتمليك طالوت وإظهاره على الجبابرة على يد صبي {نَتْلُوهَا} حال من آيات الله، والعامل فيه معنى الإشارة، أو آيات الله بدل من {تلك} {ونتلوها} الخبر. {عَلَيْكَ بالحق} باليقين الذي لا يشك فيه أهل الكتاب لأنه في كتبهم كذلك {وَإِنَّكَ لَمِنَ المرسلين} حيث تخبر بها من غير أن تعرف بقراءة كتاب أو سماع من أهله.

.تفسير الآيات (252- 257):

{تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252) تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)}
{تِلْكَ الرسل} إشارة إلى جماعة الرسل التي ذكرت قصصها في هذه السورة من آدم إلى داود أو التي ثبت علمها عند رسول الله عليه السلام {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ} بالخصائص وراء الرسالة لاستوائهم فيها كالمؤمنين يستوون في صفة الإيمان ويتفاوتون في الطاعات بعد الإيمان. ثم بين ذلك بقوله {مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ الله} أي كلمه الله حذف العائد من الصلة يعني منهم من فضله الله بأن كلمه من غير سفير وهو موسى عليه السلام {وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ} مفعول أول {درجات} مفعول ثانٍ أي بدرجات أو إلى درجات يعني ومنهم من رفعه على سائر الأنبياء فكان بعد تفاوتهم في الفضل أفضل منهم بدرجات كثيرة وهو محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه هو المفضل عليهم بإرساله إلى الكافة، وبأنه أوتي ما لم يؤته أحد من الآيات المتكاثرة المرتقية إلى ألف أو أكثر، وأكبرها القرآن لأنه المعجزة الباقية على وجه الدهر. وفي هذا الإبهام تفخيم وبيان أنه العلم الذي لا يشتبه على أحد، والمتميز الذي لا يلتبس. وقيل: أريد به محمد وإبراهيم وغيرهما من أولي العزم من الرسل {وَءَاتَيْنَا عِسَى ابن مَرْيَمَ البينات} كإحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص وغير ذلك {وأيدناه بِرُوحِ القدس} قويناه بجبريل أو بالإنجيل {وَلَوْ شَاءَ الله مَا اقتتل} أي ما اختلف لأنه سببه {الذين مِن بَعْدِهِم} من بعد الرسل {مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ البينات} المعجزات الظاهرات {ولكن اختلفوا} بمشيئتي. ثم بين الاختلاف فقال: {فَمِنْهُمْ مَّنْ ءَامَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ} بمشيئتي. يقول الله أجريت أمور رسلي على هذا، أي لم يجتمع لأحد منهم طاعة جميع أمته في حياته ولا بعد وفاته بل اختلفوا عليه فمنهم من آمن ومنهم من كفر {وَلَوْ شَاءَ الله مَا اقتتلوا} كرره للتأكيد أي لو شئت أن لا يقتتلوا لم يقتتلوا إذ لا يجري في ملكي إلا ما يوافق مشيئتي، وهذا يبطل قول المعتزلة لأنه أخبر أنه لو شاء أن لا يقتتلوا لم يقتتلوا وهم يقولون شاء أن لا يقتتلوا فاقتتلوا {ولكن الله يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} أثبت الإرادة لنفسه كما هو مذهب أهل السنة. {يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رزقناكم} في الجهاد في سبيل الله، أو هو عام في كل صدقة واجبة {مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ} أي من قبل أن يأتي يوم لا تقدرون فيه على تدارك ما فاتكم من الإنفاق لأنه لا بيع فيه حتى تبتاعوا ما تنفقونه {وَلاَ خُلَّةٌ} حتى يسامحكم أخلاؤكم به {وَلاَ شفاعة} أي للكافرين، فأما المؤمنون فلهم شفاعة أو إلا بإذنه {والكافرون هُمُ الظالمون} أنفسهم بتركهم التقديم ليوم حاجاتهم، أو الكافرون بهذا اليوم هم الظالمون.
{لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة}: مكي وبصري {الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ} {لا} مع اسمه وخبره وما أبدل من موضعه في موضع الرفع خبر المبتدأ وهو {الله} {الحى} الباقي الذي لا سبيل عليه للفناء {القيوم} الدائم القيام بتدبير الخلق وحفظه {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ} نعاس وهو ما يتقدم النوم من الفتور {وَلاَ نَوْمٌ} عن المفضل: السنة ثقل في الرأس، والنعاس في العين، والنوم في القلب وهو تأكيد للقيوم، لأن من جاز عليه ذلك استحال أن يكون قيوماً، وقد أوحى إلى موسى عليه السلام: قل لهؤلاء إني أمسك السموات والأرض بقدرتي فلو أخذني نوم أو نعاس لزالتا. {لَّهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض} ملكاً وملكاً {مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} ليس لأحد أن يشفع عنده إلا بإذنه وهو بيان لملكوته وكبريائه، وأن أحداً لا يتمالك أن يتكلم يوم القيامة إلا إذا أذن له في الكلام، وفيه رد لزعم الكفار أن الأصنام تشفع لهم {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} ما كان قبلهم وما يكون بعدهم والضمير لما في السماوات والأرض لأن فيهم العقلاء {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مّنْ عِلْمِهِ} من معلومه يقال في الدعاء (اللهم اغفر علمك فينا) أي معلومك {إِلاَّ بِمَا شَاءَ} إلا بما علم {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السموات والأرض} أي علمه ومنه الكراسة لتضمنها العلم والكراسي العلماء، وسمي العلم كرسياً تسمية بمكانه الذي هو كرسي العالم وهو كقوله تعالى: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَئ رَّحْمَةً وَعِلْماً} [غافر: 7] أو ملكه تسمية بمكانه الذي هو كرسي الملك أو عرشه كذا عن الحسن، أو هو سرير دون العرش في الحديث: «ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بفلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة» أو قدرته بدليل قوله {وَلاَ يَئُودُهُ} ولا يثقله ولا يشق عليه {حِفْظُهُمَا} حفظ السموات والأرض {وَهُوَ العلى} في ملكه وسلطانه {العظيم} في عزه وجلاله أو العلي المتعالي عن الصفات التي لا تليق به العظيم، المتصف بالصفات التي تليق به، فهما جامعان لكمال التوحيد. وإنما ترتبت الجمل في آية الكرسي بلا حرف عطف لأنها وردت على سبيل البيان؛ فالأولى بيان لقيامه بتدبير الخلق وكونه مهيمناً عليه غير ساهٍ عنه، والثانية لكونه مالكاً لما يدبره، والثالثة لكبرياء شأنه، والرابعة لإحاطته بأحوال الخلق، والخامسة لسعة علمه وتعلقه بالمعلومات كلها أو لجلاله وعظم قدره. وإنما فضلت هذه الآية حتى ورد في فضلها ما ورد، منه ما روي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت، ولا يواظب عليها إلا صديق أو عابد، ومن قرأها إذا أخذ مضجعه أمنه الله على نفسه وجاره وجار جاره والأبيات حوله» وقال عليه السلام: «سيد البشر آدم، وسيد العرب محمد ولا فخر، وسيد الفرس سلمان، وسيد الروم صهيب، وسيد الحبشة بلال، وسيد الجبال الطور، وسيد الأيام يوم الجمعة، وسيد الكلام القرآن، وسيد القرآن البقرة، وسيد البقرة آية الكرسي» وقال: «ما قرئت هذه الآية في دار إلا هجرتها الشياطين ثلاثين يوماً، ولا يدخلها ساحر ولا ساحرة أربعين ليلة» وقال: «من قرأ آية الكرسي عند منامه بعث إليه ملك يحرسه حتى يصبح» وقال: «من قرأ هاتين الآيتين حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح، وإن قرأهما حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي: آية الكرسي وأول حم المؤمن» إلى {إِلَيْهِ المصير} لاشتمالهما على توحيد الله تعالى وتعظيمه وتمجيده وصفاته العظمى، ولا مذكور أعظم من رب العزة فما كان ذاكراً له كان أفضل من سائر الأذكار وبه يعلم أن أشرف العلوم علم التوحيد.
{لا إِكْرَاهَ في الدين} أي لا إجبار على الدين الحق وهو دين الإسلام. وقيل: هو إخبار في معنى، النهي، ورُوي «أنه كان لأنصاري ابنان فتنصرا فلزمهما أبوهما وقال: والله لا أدعكما حتى تسلما، فأبيا فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الأنصاري: يا رسول الله أيدخل بعضي في النار وأنا أنظر؟ فنزلت فخلاهما». قال ابن مسعود وجماعة: كان هذا في الابتداء ثم نسخ بالأمر بالقتال {قَد تَّبَيَّنَ الرشد مِنَ الغي} قد تميز الإيمان من الكفر بالدلائل الواضحة {فَمَنْ يَكْفُرْ بالطاغوت} بالشيطان أو الأصنام {وَيُؤْمِن بالله فَقَدِ استمسك} تمسك {بالعروة} أي المعتصم والمتعلق {الوثقى} تأنيث الأوثق أي الأشد من الحبل الوثيق المحكم المأمون {لاَ انفصام لَهَا} لا انقطاع للعروة، وهذا تمثيل للمعلوم بالنظر والاستدلال بالمشاهد المحسوس حتى يتصوره السامع كأنه ينظر إليه بعينه فيحكم اعتقاده، والمعنى فقد عقد لنفسه من الدين عقداً وثيقاً لا تحله شبهة {والله سَمِيعٌ} لإقراره {عَلِيمٌ} باعتقاده.
{الله وَلِيُّ الذين ءَامَنُواْ} أرادوا أن يؤمنوا أي ناصرهم ومتولي أمورهم {يُخْرِجُهُم مِّنَ الظلمات} من ظلمات الكفر والضلالة وجمعت لاختلافها {إِلَى النور} إلى الإيمان والهداية ووحد لاتحاد الإيمان {والذين كَفَرُواْ} مبتدأ والجملة وهي {أَوْلِيَآؤُهُمُ الطاغوت} خبره {يُخْرِجُونَهُم مّنَ النور إِلَى الظلمات} وجمع لأن الطاغوت في معنى الجمع يعني والذين صمموا على الكفر أمرهم على عكس ذلك، أو الله ولي المؤمنين يخرجهم من الشبهة في الدين إن وقعت لهم بما يهديهم ويوفقهم له من حلها حتى يخرجوا منها إلى نور اليقين، والذين كفروا أولياؤهم الشياطين يخرجونهم من نور البينات الذي يظهر لهم إلى ظلمات الشك والشبهة {أولئك أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون}. ثم عجب نبيه عليه السلام وسلاه بمجادلة إبراهيم عليه السلام نمرود الذي كان يدعي الربوبية بقوله.